قصــة بـدرالدين
=362557970105&p[]=405461174657]المشاركة
اليوم، الساعة 10:31 صباحاً
أظهر (بدر الدين) نبوغاً وذكاءاً حاداً منذ وقت مبكر… الشيء الذى جعل والده يقوم بادخالة إلى مدرسة أجنبية منذ أن بلغ الثالثة من العمر وذلك على الرغم من تكاليفها الباهظة ، التحق ( بدر الدين) بالمدرسة الخاصة وأظهر فيها نبوغاً حاداً جعله يحتل المركز الأول فيها ثم ما لبث بعد فترة وجيزة أن أصبح من الناطقين بالإنجليزية والفرنسية وبالطبع العربية بطلاقة يحسد عليها..
كبر ( بدر الدين) وأجتاز كل مراحله الدارسية بنجاح منقطع النظير وعندما حان وقت الجلوس لامتحانات (الشهادة السودانية) أحرز مركزا متقدماً وقد أختار أن يمتحن مساقاً علمياً رياضياً ودون تفكير أختار ( بدر الدين) الهندسة الكهربائية لشغفه منذ صغره بفك وتركيب ( الألعاب) والأجهزة الكهربائية..
مضت سنوات الجامعة كالبرق وتخرج (بدرالدين ) من أحدى الجامعات المرموقة وبدأت رحلة البحث عن ( وظيفة) ويالها من رحلة.
بعد أكثر من عامين قضاهما ( بدر الدين) عاطلاً عن العمل أو( طائراً) كما يحلو له أن يقول وفي أحد الأيام تلقى مهاتفه من أحد زملائه يخبره فيها بأن هنالك وظيفة (مهندس كهربائي) في أحدى المحطات الحرارية وأن هنالك لجنه معاينة سوف تنعقد بعد أسبوع…
المعاينة :
اسمك : بدر الدين محمد يوسف
- طيب يا بدرالدين والله دي معاينة ( طيبة ومباركة) .. أنت عارف يا ( بدر ) معركة ( بدر ) كانت سنة كم هجرية ؟
لم يكن بالطبع يتوقع سؤالا كما هذا.. كان من الممكن أن يتوقع أي سؤال حتى لو في الكيمياء أو الأحياء أو الرياضيات أو حتى الجغرافيا.. ولكن معركة بدر… فهذا ما لم يتوقعه.. تصبب ( بدر) عرقاً وتعلثم وهو يقول:
- ولله في الحقيقة.. أصلو…
الآ أن أحد أفراد ( المنصة) حاول أن يخرج (بدر) من هذا الجو :
- خليك يا أبني من معركة (بدر) معركة (مؤته) كانت سنت كم ؟
وكان لسان حال ( بدر) يقول هو أنا معركة (بدر) عرفتها كمان أعرف ليكم (مؤته)..
- والله .. أصلو.. في الحقيقية ………..
- الظاهر يا بدر يا أبني أنت المعارك دي ما عندك فيها ... طيب ورينا غزوة ( أحد) كانت بين منو ومنو؟
- والله .. أصلو.. في الحقيقية.. أنا استعديت للمعاينة دي وقريت كل كتب الثيرموداينامكس والهايدرواليكترولك..و..
- خلاص المرة الجاية كمان أقرأ ليك شويه في المعارك والغزوات..
معارك وغزوات:
عاد (بدر الدين) في ذلك اليوم إلى المنزل حزينا.. وحكى لوالده ما حدث مؤكدا أنه لن يثنيه عن ( الوظيفة) أي شي وأنه سوف يقوم بالاستعداد لأي معاينات قادمة وقد تأكد والده من ذلك إذ أنه قد وجد على مكتبة في ذات مساء اليوم عدداً من كتب السيرة والفقه والعبادات والتفاسير.. لابن كثير وان تميميه وأبن القيم الجوزيه وأبن عبد ربه !
ما لبث ( بدر) أن ( حفظ) جميع المعارك والغزوات..أسباب الغزوة أو المعركة.. أطرافها.. تاريخها.. كم استمرت.. عدد القتلى من الطرفين.. عدد الجرحى,, عدد الأسرى من الطرفين.. وكل كل شيء حتى نوعية الأسلحة والدواب والتكتيك العسكري الذي استخدم وأسماء القادة ونواب القادة وألوان الرايات والالويه كل.. كل.. شيء
جاء ( بدر) ذات صباح وهو منشرح الوجه يحمل صحيفة في يده وهو يشير لوالده إلى أحد الإعلانات ( الحكومية) التي تعلن عن وجود وظائف ( مهندسين) كهربائيين للعمل كمهندسين لأبراج الضغط العالي.. وأن آخر موعد للتقديم هو يوم الغد.
المعاينة تانى:
- أسمك : بدر الدين محمد يوسف
- يعني يا بدر الدين (جدك) أسمو يوسف ؟
- نعم…
- طيب ممكن تقرأ لينا من الآية (23) من سورة يوسف ؟
- والله.. في الحقيقة.. أصلو..
- طبعا خليك من ده …ممكن تقول لينا فيها كم آية ؟
- والله .. يعني في الحقيقة.. أصلو..
- خليك من الاثنين ديل .. قول لينا هي مكية والآ مدنية ؟
…………………………………………
- طيب سيدنا يوسف دا أخوانو كانو كم؟
- والله في الحقيقة أصلو … يعني ….. في الحقيقة
- أحدهم منتهرا ( بدر): اصلو.. شنو ويعنى شنو؟ عاوز تقول شنو؟
- والله يا جماعة أنا يعني في الحقيقة.. أصلو.. أصلى تخصص ( غزوات ومعارك)
- (كلهم فى غضبة مضرية) : قلت شنو ؟ غزوات ومعارك ؟؟؟ يعني ما هندسة كهربائية.. يلا أطلع بره نحنا قالو ليك عاوزين (أئمة جوامع) نحنا يا إبنى عاوزين مهندسين أبراج ضغط عالي !!
وبعدين ؟
بعد تلك المعاينة الأخيرة والتى قام بدرالدين بسرد وقائعها لوالده فى أسى وحزن شديدين أشار بدرالدين بيديه المرتجفتين إلى أرتال كتب (الغزوات والمعارك) التى عكف على قراءتها مؤخراً وقال مخاطباً والده : فى حسرة:
- هسع يا بوى الناس ديل أعمل معاهم شنو؟؟
- إنت براك الما عارف تعمل معاهم شنو؟ الناس دى كوووولها ما عارفه تعمل شنو؟!!
- والعمل يا بوى ؟
- والله شوف يا إبنى يا بدرالدين أنا بفتكر إنو إنت هسع (كشفتا اللعبة) وعرفت الأسئلة بتجيك من وين؟
- كيف يعنى
- أيوه أقول ليك .. إنت تركز تركيز شديد على معركة (بدر) وعلى سورة (يوسف)
ولو فى طريقه تحفظ (المصحف) كلو وكمان تحفظ (الغزوات والمعارك) كلها وذى ما قلتا ليك ليك ما تنسى تركز على معركة (بدر) !
لم يكن حفظ (المصحف) بالنسبة لبدرالدين أمرا عسيرا فهو يحفظ معظم السور الطوال، ولم تمر أياما قلائل حتى قام بحفظة مجوداً ثم شرع بعد ذلك فى قراءة كل ما كتب عن (معركة بدر) ، قرأ وحفظ كل شئ حتى أسماء المقاتلين من الطرفين ..أعمارهم .. الحالة الإجتماعية لكل واحد منهم … المهنة .. نوع الأزياء التى كانو يرتدونها .. الأسلحة التى كان كل واحد منهم يمسك بها … الخيل التى كانو يمتطونها .. عدد الذكور منها .. عدد الإناث .. الوقت الذى بدأت فيه المعركة (بتوقيت بدر وبتوقيت قرينتش) .. والوقت الذى إنتهت فيه المعركة .. أسماء القتلى .. ثم بعد ذلك كله قام (بدر) برسم خريطة توضيحية تحدد موقع المعركة تحديدا دقيقاً والمساحة الجغرافية التى كان يجرى فيها القتال وكذلك خريطة (عسكرية) توضح مواقع (الجنود) من الطرفين، وكيفية سير المعركة والخطط و(الجمل ) التكتيكية التى تم إستخدامها .. هكذا أعد (بدر) نفسه (لمعركة بدر) ولم يتبق له إلا أن يقوم بذات الإجتهاد ويبدأ بحثا دقيقا وحفظا (صماً لقصة (سيدنا يوسف) .. وقد ساعده فى ذلك كثيرا أسلوب البحث العلمى الذى يستخدمة فقام بداية بدراسة حياة سيدنا يوسف عليه السلام تاريخ ميلاده .. مكان ولادته .. وفاة أمه .. حب والده له .. الرؤيا التى قصهاعلى أبيه .. مكيدة إخوانه له .. عشق زوجة سيده (العزيز) له ومكيدة إدخاله للسجن .. الرؤيا التى قصها عليه رئيس سقاة الملك وكذلك رئيس (الخبازين) وتفسير الرؤيتان لهما …رؤيا (الملك) وتفسير سيدنا يوسف لها .. إعجاب (الملك) به وإعادة التحقيق وإعتراف إمرأة العزيز عن مراودتها له ، جعله وزيرا على خزائن الملك فى مصر ..لقاءه مع أخوته وكل كل شئ عن (سيدنا يوسف) ولم يكتف بدر بذلك بل قام بحفظ (شجرة) نسب سيدنا يوسف حتى (أبونا آدم) فما أن سأله والده ذات مرة إن كان قد إطلع على (نسب سيدنا يوسف) حتى بادره قائلاً دون تردد :
- هو يوسف بن يعقوب بن إسحق بن بن تارح (آزر) بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متشولح بن خنوخ (إدريس) بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام !!!!!!!
وجاءت الفرصة :
لم يمض وقت طويل حتى ظهرت على صفحات الصحف إعلانات تشير إلى وجود وظائف مهندسين لأبراج الضغط العالى التى تدخل تحت مشروع توسعة (الشبكة القومية للكهرباء) .. تهلل وجه بدرالدين وهو ينظر إلى تلك الإعلانات مركزاً على مكان وزمان المعاينة !
قام بدرالدين فى ذلك اليوم مبكراً .. صلى الصبح كعادته (حاضر) ثم لرفع يديه بالدعاء طالبا من الله سبحانه وتعالى أن تكون أسئلة اللجنة جميعها عما درسه فى (كلية الهندسة – قسم الهندسة الكهربائية) وألا تكون فى أى شئ (آخر) .. ثم حينما أشرقت الشمس إرتدى (بدرالدين) ثيابه وخرج متوجها للمعاينه .
- أسمك
- بدرالدين محمد يوسف
- أنت يا باشمهندس عارف أنحنا عاوزين مهندسين عشان يعملو شنو؟
- أيوه عارف إنتو عاوزين مهندسين بقوموا بإنشاء أبراج ضغط عالى
- أيوااا عفارم عليك .. طيب يا (بدرالدين) ممكن تتكلم لينا شوية عن الأعطاب وقياس إصلاح الأعطال المتعلقة بأبراج الضغط العالى …. قالها (بالإنجليزية)
Damage detection and repair measures regarding High-Voltage towers
تهلل وجه (بدرالدين) وإنفرجت أساريره وبدأ يتحدث عن كل الأعطاب التى من الممكن أن تصيب أبراج (الضغط العالى) وعن كيفية التعرف عليها ومنع حدوثها وعن عمليات قياسها وإصلاحها وما أن أنتهى من حديثه حتى أخذ فرصة الحديث عضو آخر من (أعضاء اللجنة) :
- طيب يا بدرالدين (المهندس) ذاتو لمن يطلع (البرج) عشان يصلح حاجة ممكن تتحدث لينا عن طرق (الأمان) يعنى ال safety المفروض يتبعها ؟؟
تهلل وجه (بدرالدين) مرة أخرى فالسؤال سؤال سهل للغاية وقام دونما تلعثم بالإجابة عليه قائلاً :
- مفروض (المهندس) يكون بيرتدى قفازات (عازلة) وكمان مفروض يتأكد من ربط (حزام الأمان) جيداً ..
وما إن إنتهى (بدر) من الإجابه حتى بادره رئيس (اللجنه) :
- طيب يا (بدر) أفرض (المهندس) ما ربط حزام الأمان كويس وقام وقع من البرج و(مات) ممكن تدينا تلاته (أحديث صحيحة) تورى إنو فى الحالة دى (المهندس) ده مات (شهيد) ؟؟؟
رجاءً اذا لم يكن لديك تعليق سجل اعجابك بالضغط على أعجبني Like
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الان بالمكتبـات- لبس جماعى - أماكن عرض الكتاب
=362557970105&p[]=405461174657]المشاركة
اليوم، الساعة 10:31 صباحاً
أظهر (بدر الدين) نبوغاً وذكاءاً حاداً منذ وقت مبكر… الشيء الذى جعل والده يقوم بادخالة إلى مدرسة أجنبية منذ أن بلغ الثالثة من العمر وذلك على الرغم من تكاليفها الباهظة ، التحق ( بدر الدين) بالمدرسة الخاصة وأظهر فيها نبوغاً حاداً جعله يحتل المركز الأول فيها ثم ما لبث بعد فترة وجيزة أن أصبح من الناطقين بالإنجليزية والفرنسية وبالطبع العربية بطلاقة يحسد عليها..
كبر ( بدر الدين) وأجتاز كل مراحله الدارسية بنجاح منقطع النظير وعندما حان وقت الجلوس لامتحانات (الشهادة السودانية) أحرز مركزا متقدماً وقد أختار أن يمتحن مساقاً علمياً رياضياً ودون تفكير أختار ( بدر الدين) الهندسة الكهربائية لشغفه منذ صغره بفك وتركيب ( الألعاب) والأجهزة الكهربائية..
مضت سنوات الجامعة كالبرق وتخرج (بدرالدين ) من أحدى الجامعات المرموقة وبدأت رحلة البحث عن ( وظيفة) ويالها من رحلة.
بعد أكثر من عامين قضاهما ( بدر الدين) عاطلاً عن العمل أو( طائراً) كما يحلو له أن يقول وفي أحد الأيام تلقى مهاتفه من أحد زملائه يخبره فيها بأن هنالك وظيفة (مهندس كهربائي) في أحدى المحطات الحرارية وأن هنالك لجنه معاينة سوف تنعقد بعد أسبوع…
المعاينة :
اسمك : بدر الدين محمد يوسف
- طيب يا بدرالدين والله دي معاينة ( طيبة ومباركة) .. أنت عارف يا ( بدر ) معركة ( بدر ) كانت سنة كم هجرية ؟
لم يكن بالطبع يتوقع سؤالا كما هذا.. كان من الممكن أن يتوقع أي سؤال حتى لو في الكيمياء أو الأحياء أو الرياضيات أو حتى الجغرافيا.. ولكن معركة بدر… فهذا ما لم يتوقعه.. تصبب ( بدر) عرقاً وتعلثم وهو يقول:
- ولله في الحقيقة.. أصلو…
الآ أن أحد أفراد ( المنصة) حاول أن يخرج (بدر) من هذا الجو :
- خليك يا أبني من معركة (بدر) معركة (مؤته) كانت سنت كم ؟
وكان لسان حال ( بدر) يقول هو أنا معركة (بدر) عرفتها كمان أعرف ليكم (مؤته)..
- والله .. أصلو.. في الحقيقية ………..
- الظاهر يا بدر يا أبني أنت المعارك دي ما عندك فيها ... طيب ورينا غزوة ( أحد) كانت بين منو ومنو؟
- والله .. أصلو.. في الحقيقية.. أنا استعديت للمعاينة دي وقريت كل كتب الثيرموداينامكس والهايدرواليكترولك..و..
- خلاص المرة الجاية كمان أقرأ ليك شويه في المعارك والغزوات..
معارك وغزوات:
عاد (بدر الدين) في ذلك اليوم إلى المنزل حزينا.. وحكى لوالده ما حدث مؤكدا أنه لن يثنيه عن ( الوظيفة) أي شي وأنه سوف يقوم بالاستعداد لأي معاينات قادمة وقد تأكد والده من ذلك إذ أنه قد وجد على مكتبة في ذات مساء اليوم عدداً من كتب السيرة والفقه والعبادات والتفاسير.. لابن كثير وان تميميه وأبن القيم الجوزيه وأبن عبد ربه !
ما لبث ( بدر) أن ( حفظ) جميع المعارك والغزوات..أسباب الغزوة أو المعركة.. أطرافها.. تاريخها.. كم استمرت.. عدد القتلى من الطرفين.. عدد الجرحى,, عدد الأسرى من الطرفين.. وكل كل شيء حتى نوعية الأسلحة والدواب والتكتيك العسكري الذي استخدم وأسماء القادة ونواب القادة وألوان الرايات والالويه كل.. كل.. شيء
جاء ( بدر) ذات صباح وهو منشرح الوجه يحمل صحيفة في يده وهو يشير لوالده إلى أحد الإعلانات ( الحكومية) التي تعلن عن وجود وظائف ( مهندسين) كهربائيين للعمل كمهندسين لأبراج الضغط العالي.. وأن آخر موعد للتقديم هو يوم الغد.
المعاينة تانى:
- أسمك : بدر الدين محمد يوسف
- يعني يا بدر الدين (جدك) أسمو يوسف ؟
- نعم…
- طيب ممكن تقرأ لينا من الآية (23) من سورة يوسف ؟
- والله.. في الحقيقة.. أصلو..
- طبعا خليك من ده …ممكن تقول لينا فيها كم آية ؟
- والله .. يعني في الحقيقة.. أصلو..
- خليك من الاثنين ديل .. قول لينا هي مكية والآ مدنية ؟
…………………………………………
- طيب سيدنا يوسف دا أخوانو كانو كم؟
- والله في الحقيقة أصلو … يعني ….. في الحقيقة
- أحدهم منتهرا ( بدر): اصلو.. شنو ويعنى شنو؟ عاوز تقول شنو؟
- والله يا جماعة أنا يعني في الحقيقة.. أصلو.. أصلى تخصص ( غزوات ومعارك)
- (كلهم فى غضبة مضرية) : قلت شنو ؟ غزوات ومعارك ؟؟؟ يعني ما هندسة كهربائية.. يلا أطلع بره نحنا قالو ليك عاوزين (أئمة جوامع) نحنا يا إبنى عاوزين مهندسين أبراج ضغط عالي !!
وبعدين ؟
بعد تلك المعاينة الأخيرة والتى قام بدرالدين بسرد وقائعها لوالده فى أسى وحزن شديدين أشار بدرالدين بيديه المرتجفتين إلى أرتال كتب (الغزوات والمعارك) التى عكف على قراءتها مؤخراً وقال مخاطباً والده : فى حسرة:
- هسع يا بوى الناس ديل أعمل معاهم شنو؟؟
- إنت براك الما عارف تعمل معاهم شنو؟ الناس دى كوووولها ما عارفه تعمل شنو؟!!
- والعمل يا بوى ؟
- والله شوف يا إبنى يا بدرالدين أنا بفتكر إنو إنت هسع (كشفتا اللعبة) وعرفت الأسئلة بتجيك من وين؟
- كيف يعنى
- أيوه أقول ليك .. إنت تركز تركيز شديد على معركة (بدر) وعلى سورة (يوسف)
ولو فى طريقه تحفظ (المصحف) كلو وكمان تحفظ (الغزوات والمعارك) كلها وذى ما قلتا ليك ليك ما تنسى تركز على معركة (بدر) !
لم يكن حفظ (المصحف) بالنسبة لبدرالدين أمرا عسيرا فهو يحفظ معظم السور الطوال، ولم تمر أياما قلائل حتى قام بحفظة مجوداً ثم شرع بعد ذلك فى قراءة كل ما كتب عن (معركة بدر) ، قرأ وحفظ كل شئ حتى أسماء المقاتلين من الطرفين ..أعمارهم .. الحالة الإجتماعية لكل واحد منهم … المهنة .. نوع الأزياء التى كانو يرتدونها .. الأسلحة التى كان كل واحد منهم يمسك بها … الخيل التى كانو يمتطونها .. عدد الذكور منها .. عدد الإناث .. الوقت الذى بدأت فيه المعركة (بتوقيت بدر وبتوقيت قرينتش) .. والوقت الذى إنتهت فيه المعركة .. أسماء القتلى .. ثم بعد ذلك كله قام (بدر) برسم خريطة توضيحية تحدد موقع المعركة تحديدا دقيقاً والمساحة الجغرافية التى كان يجرى فيها القتال وكذلك خريطة (عسكرية) توضح مواقع (الجنود) من الطرفين، وكيفية سير المعركة والخطط و(الجمل ) التكتيكية التى تم إستخدامها .. هكذا أعد (بدر) نفسه (لمعركة بدر) ولم يتبق له إلا أن يقوم بذات الإجتهاد ويبدأ بحثا دقيقا وحفظا (صماً لقصة (سيدنا يوسف) .. وقد ساعده فى ذلك كثيرا أسلوب البحث العلمى الذى يستخدمة فقام بداية بدراسة حياة سيدنا يوسف عليه السلام تاريخ ميلاده .. مكان ولادته .. وفاة أمه .. حب والده له .. الرؤيا التى قصهاعلى أبيه .. مكيدة إخوانه له .. عشق زوجة سيده (العزيز) له ومكيدة إدخاله للسجن .. الرؤيا التى قصها عليه رئيس سقاة الملك وكذلك رئيس (الخبازين) وتفسير الرؤيتان لهما …رؤيا (الملك) وتفسير سيدنا يوسف لها .. إعجاب (الملك) به وإعادة التحقيق وإعتراف إمرأة العزيز عن مراودتها له ، جعله وزيرا على خزائن الملك فى مصر ..لقاءه مع أخوته وكل كل شئ عن (سيدنا يوسف) ولم يكتف بدر بذلك بل قام بحفظ (شجرة) نسب سيدنا يوسف حتى (أبونا آدم) فما أن سأله والده ذات مرة إن كان قد إطلع على (نسب سيدنا يوسف) حتى بادره قائلاً دون تردد :
- هو يوسف بن يعقوب بن إسحق بن بن تارح (آزر) بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متشولح بن خنوخ (إدريس) بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام !!!!!!!
وجاءت الفرصة :
لم يمض وقت طويل حتى ظهرت على صفحات الصحف إعلانات تشير إلى وجود وظائف مهندسين لأبراج الضغط العالى التى تدخل تحت مشروع توسعة (الشبكة القومية للكهرباء) .. تهلل وجه بدرالدين وهو ينظر إلى تلك الإعلانات مركزاً على مكان وزمان المعاينة !
قام بدرالدين فى ذلك اليوم مبكراً .. صلى الصبح كعادته (حاضر) ثم لرفع يديه بالدعاء طالبا من الله سبحانه وتعالى أن تكون أسئلة اللجنة جميعها عما درسه فى (كلية الهندسة – قسم الهندسة الكهربائية) وألا تكون فى أى شئ (آخر) .. ثم حينما أشرقت الشمس إرتدى (بدرالدين) ثيابه وخرج متوجها للمعاينه .
- أسمك
- بدرالدين محمد يوسف
- أنت يا باشمهندس عارف أنحنا عاوزين مهندسين عشان يعملو شنو؟
- أيوه عارف إنتو عاوزين مهندسين بقوموا بإنشاء أبراج ضغط عالى
- أيوااا عفارم عليك .. طيب يا (بدرالدين) ممكن تتكلم لينا شوية عن الأعطاب وقياس إصلاح الأعطال المتعلقة بأبراج الضغط العالى …. قالها (بالإنجليزية)
Damage detection and repair measures regarding High-Voltage towers
تهلل وجه (بدرالدين) وإنفرجت أساريره وبدأ يتحدث عن كل الأعطاب التى من الممكن أن تصيب أبراج (الضغط العالى) وعن كيفية التعرف عليها ومنع حدوثها وعن عمليات قياسها وإصلاحها وما أن أنتهى من حديثه حتى أخذ فرصة الحديث عضو آخر من (أعضاء اللجنة) :
- طيب يا بدرالدين (المهندس) ذاتو لمن يطلع (البرج) عشان يصلح حاجة ممكن تتحدث لينا عن طرق (الأمان) يعنى ال safety المفروض يتبعها ؟؟
تهلل وجه (بدرالدين) مرة أخرى فالسؤال سؤال سهل للغاية وقام دونما تلعثم بالإجابة عليه قائلاً :
- مفروض (المهندس) يكون بيرتدى قفازات (عازلة) وكمان مفروض يتأكد من ربط (حزام الأمان) جيداً ..
وما إن إنتهى (بدر) من الإجابه حتى بادره رئيس (اللجنه) :
- طيب يا (بدر) أفرض (المهندس) ما ربط حزام الأمان كويس وقام وقع من البرج و(مات) ممكن تدينا تلاته (أحديث صحيحة) تورى إنو فى الحالة دى (المهندس) ده مات (شهيد) ؟؟؟
رجاءً اذا لم يكن لديك تعليق سجل اعجابك بالضغط على أعجبني Like
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الان بالمكتبـات- لبس جماعى - أماكن عرض الكتاب